فيزرع المعلم التفاؤل في نفوس طلابه ، والمدير في نفوس موظفيه ، والزوج في نفس زوجته ، والوالدان في نفس أبنائهم فبمقدورنا مساعدة كل هؤلاء لأن يكونوا متفائلين، عندما ينطبع تفاؤلنا عليهم ، فالمواقف قابلةٌ للعدوى فهل مواقفنا التفاؤلية جديرة بأن يتأثر بها الآخرون ؟.
وقد ذكر د. مايكل ميرسر ، د. ما ريان تروياني ، في كيف يصبح الشخص متفائلاً أو متشائماً : ( في أحد الأيام كنا نسير في إحدى الطرقات ، ولا حظنا كيف يتعلم الناس أن يصبحوا متفائلين أو متشائمين ، فقد شاهدنا طفلاً صغيراً يعدو مسرعاً وفجأة سقط على الأرض بعنف إلى حد أننا توقعنا تحطم الرصيف !
وبينما هو ينهض إذ بأمه تدلف إليه مسرعة وتصرخ قائلة : " أوه ، يا صغيري ، هل أنت على ما يرام ، هل أصبت ؟ أعتقد أن إصابتك بالغة ! أين موضع جرحك ؟ هل أنت بخير ؟ إن إصابتك بالغة!!" ثم انفجر طفلها بالبكاء .
وبعد عدة دقائق شاهدنا طفلاً آخر يعدو مسرعاً ، ثم انكفأ ليرتطم بنفس الرصيف فجاءة .
ونهض الطفل من عثرته وبدا عليه أثر دوار خفيف من وقع سقوطه على الرصيف ، وإذ بأمه تهرع إليه قائلة : " أوه ، يا صغيري ، هل أنت على ما يرام ؟ إنك ولد رائع وأعتقد أنك لم تتأثر بهذا التعثر وإنني لفخورة بك !" وإذ بالأم تبتسم ، ليبتسم ابنها ثم تعانقه وتقبله) .
فالأطفال يتصيدون مشاعر آبائهم ، فعلى سبيل المثال ، قام باحثون من جامعة واشنطن هم "كاول هوفين " و " لين كاتز" و " جون جوتمان " بفحص العلاقة بين النضج العاطفي للآباء ونجاح أطفالهم في كافة أنشطة الحياة اليومية ، فوجدوا أن الآباء الذين يتمتعون بنضج عاطفي يُنشئون أطفالاً ذوي أداء حسن في المدرسة وفي الحياة بصفة عامة ، وقد تم إجراء مقارنة بين هؤلاء الأطفال وأقرانهم الذين لديهم آباء لا يتمتعون بنضج أو استقرار عاطفي فوجدوا أنهم :
§ من الناحية العلمية : تمكنوا من قراءة كتب متقدمة وتحقيق درجات عالية .
§ من الناحية السلوكية : قال المعلمون والآباء: إن تصرف الأطفال يقع تحت السيطرة ويكون أقل إزعاجاً .
§ من الناحية الشعورية : يقل لديهم القلق العاطفي وتزداد القدرة على محاولة إيجاد الحلول .
§ من الناحية الاجتماعية : يقيمون علاقات أفضل مع الآخرين .
فالآباء المستقرون عاطفياً يربون أطفالاً حالمين ؛ لأن الآباء المتفائلين يفسرون الصعوبات لأطفالهم بأسلوب يعلمهم أن المشاكل والأزمات :
· لها حل .
· عدم الارتباك لكثرة المشاكل .
· ألا يتذمروا إذا واجهتهم مشاكل .
أي أن الآباء المتفائلين يعلمون أطفالهم أنه يمكن التعامل مع كل شيء في الحياة ، وعلى مواجهة أي مشكلة تواجههم، ولمعرفة كيفية تنشئة أطفالنا على أن يكونوا متفائلين علينا أن نطبق التقنيات التي بيَّناها سابقاً بالإضافة إلى :
§ ضرورة مشاركة أبنائنا بالمرح ، والابتعاد عن المشاكل والشكوى .
§ أن نظهر لأطفالنا الحب والتفهم .
§ الإصغاء إلى أبنائنا عندما يخبروننا عن أنشطتهم ، وتخصيص وقت مميز لذلك .
§ إظهار الود الجسدي بعناقهم وتقبيلهم .
§ تقدير ذواتهم ، والابتعاد عن النقد الهدام .
ذكر صاحب كتاب (كيف تستمتع بحياتك وعملك ، مختارات من أكثر الكتب مبيعاً ):
لقد عرفت " هارولد أبوت " لسنوات . كان يعيش في مدينة " ويب " بولاية " ميسوري " ، وكان هو المشرف على إدارة وتنظيم المحاضرات التي ألقيها ، وفي أحد الأيام تقابلنا بمدينة كانساس ، وأوصلني بسيارته إلى مزرعتي في " بيلتون " بولاية " ميسوري " وأثناء الطريق سألته كيف حافظ على نفسه دائماً بعيداً عن القلق ، فأخبرني بقصة مثيرة تركت أثراً كبيراً في نفسي ، حتى إنني لن أنساها أبداً ، فقال : " لقد اعتدت أكون إنساناً كثير القلق ، إلاّ أنه في أحد أيام الربيع عام 1934، كنت أسير بشارع " دورتي " بمدينة " ويب " عندما رأيت مشهداً طرح كل أسباب قلقي وتبرمّى بعيداً . لقد استغرق المشهد عشر ثوانٍ فقط ، إلا أنني تعلمت خلال هذه الثواني العشر الكثير عن الطريقة التي يجب عليّ أن أعيش بها أكثر .
مما تعلمت خلال السنوات العشر السابقة . لقد كنت أدير متجراً للبقالة بمدينة " ويب " وحدث أن فقدت كل مدخراتي ، ليس هذا فقط ، بل إنني كان عليّ تحمل ديون استغرقت مني سبع سنوات ؛ لردها مرة أخرى . كان متجري قد تعرض للإغلاق في يوم السبت السابق لهذا اليوم الذي أحكي عنه ، وكنت في ذلك اليوم متجهاً إلى " بنك التجار والمشتغلين بالتعدين " لاقتراض بعض المال ؛ كي أتمكن من الذهاب إلى مدينة " كانساس" بحثاً عن وظيفة . كنت أسير كرجل مهزوم ، تغلبت عليه الظروف ، كنت فقدت إيماني ومعركتي مع الحياة ، وفجأة رأيت في الطريق رجلاً ليست له رجلان ليسير عليهما . كان يجلس على لوح خشبي صغير مزود بعجلات خاصة بالزلاجات . كان يدفع نفسه طول الطريق مستخدماً قطعة خشبية في كل من يديه ، وقد قابلته بعد أن كان قد عبر الطريق لتوه ، وكان يحاول رفع نفسه عدة بوصات ؛ ليضع نفسه أعلى حافة رصيف المشاة ، وبينما كان يفعل ذلك التقت أعيننا ، فحياني بابتسامة كبيرة قائلاً " صباح الخير يا سيدي . إنه صباح جميل ، أليس كذلك ؟ " قال ذلك بروح معنوية مرتفعة ، وبينما أنا واقف أنظر إليه ، أدركت مقدار غناي ، فإن لدي ساقين ، ويمكنني أن أسير ، فأحسست بالخجل من شعوري بالأسى على نفسي ، وقلت لنفسي : إن كان بإمكانه أن يكون سعيداً ، ومبتهجاً ، واثقاً من نفسه ، وهو ليست له رجلان ليسير عليهما ، فبالتأكيد يمكنني ذلك ، وأنا لدي رجلان ، وشعرت بالفعل بالحماس يملأ صدري . لقد كنت أنوي أن أطلب من البنك مئة دولار فقط ، لكنني الآن لدي الشجاعة لأن أطلب مئتي دولار ، والآن أقول : لقد كنت أشعر بالإحباط ، لأنني لا املك حذاءً حتى قابلت في الطريق من لا يملك قدمين .
أحصِ ما لديك من عطايا وهبات وليس من المشكلات .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق